قَالَ أبُوْ عِيْسَى: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ مَتَى يَسْجُدُهُمَا الرَّجُلُ قَبْلَ السَّلامِ أَوْ بَعْدَه؟ فَرَأَى بَعْضُهُمْ: أَنْ يَسْجُدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَهُوَ قَول سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأهْلِ الكُوفَةِ. وقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْجُدُهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكثَرِ الفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، مِثْلِ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ، وَرَبِيعَةَ، وَغَيْرِهِمَا، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ. وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا كَانَتْ زِيَادَةً فِي الصَّلَاةِ فَبَعْدَ السَّلَامِ، وَإِذَا كَانَ نُقْصَانًا فَقَبْلَ السَّلَامِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.
وقَالَ أَحْمَدُ: مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَيُسْتَعْمَلُ كُلٌّ عَلَى جِهَتِهِ، يَرَى إِذَا قَامَ فِي الرَّكعَتَيْنِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ، وَإذا صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُهُمَا بَعْدَ السَّلامِ، وَإِذَا سَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظّهْرِ وَالعَصْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَكُلٌّ يُسْتَعْمَلُ عَلَى جِهَتِهِ، وَكُلُّ سَهْوٍ لَيْسَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ذِكْرٌ فَإنَّ سَجْدَتَي السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ نَحْوَ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي هَذَا كُلِّهِ، إِلَّا أنَّهُ قَالَ: كُلُّ سَهْوٍ لَيْسَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ذِكرٌ فَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً فِي الصَّلاةِ يَسْجُدُهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا يَسْجُدُهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ.
• قوله: "وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ"، أي: والحَالُ أن عَلَيْه أن يَجْلِسَ، أي: قَامَ مَقَامَ الْجُلُوْسِ، وتَرَكَ الْجُلُوْسَ.
• قوله: "إذَا قَامَ الرَّجُلُ"، أي: يُرِيْدُ أن هَذَا فِي السَّهْو الْمَخْصُوْصِ لا فِي مُطْلَقِ السَّهْوِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute