للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُجْعَلَ "إذَا" في مثلِ هذَا لمُجَرَّدِ الشَّرطِ. والله تعالى أعلم.

• وقوله: "صُفِّدَت": - بضَمِّ المُهْملة، وتشدِيدِ الفاء - أي: غُلَّتْ وشُدَّتِ الشَّياطين بالأصْفَادِ، وهي الأغْلالُ الَّتِي تُغَلُّ بِها اليَدَان أو الرِّجْلان وتُرْبَط في العُنُق.

وقد اختلفَ العُلَمَاءُ في ذلك ومُحَقِّقُوهم على أنَّه على حَقِيْقَتِه، وقال ابنُ العربي (١): لا نَمْنَع الحَقِيْقةَ لأنَّهم ذريةُ إبليس، وهم يأكُلُوْن ويَشْربون، ويعذَّبُون وَيَنْعَمُونَ، ويؤيِّدُه ما في بعضِ الأخْبار أنَّها تُصَفَّدُ وتُرْمَى في البَحْر، ومَنْشأ اخْتِلافِهم ما شَاهَدُوْا من وُقُوْع المَعَاصِي في رمضان.

وجوابُه: أن المعاصيَ لا تتوَقَّفُ على وَسْوَسَة الشَّيطان بل قد تَكُونُ من النَّفْس وشَهْوَتِها كما في نُفُوْس الشَّياطين فإنَّهم لا يحْتَاجون في صُدُوْر المَعَاصي إلى شياطين أخَر وإلا تَسَلْسَلَتْ، وكيف عَصَى إبليسُ ربَّه أوَّلَ مَعصِيَةٍ ولم يكُنْ ثَمَّ شيطاطين وإنَّما وَقعَ فيما وَقَعَ بواسِطَةِ نَفْسِه فلا إشكالَ.

• وقوله: "يَا بَاغِيَ الخَيْرِ … " إلخ، معناه يا طالبَ الخَيْر. "أقْبِلْ": فهذا أوَانُك فإنَّكَ تُعْطَى جَزيلًا بعَمَلٍ قَليلٍ، "وَيَا طَالِبَ الشَرِّ أمْسِكْ" وتُبْ فإنَّه أوَانُ قبولِ التَّوْبَة.

• وقوله: "وَذَلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ": - بالنصب - أي: هذَا النِّداء كُلَّ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ.

فإن قلتَ: أيُّ فائدةٍ في هذا النِّداء مع أنَّه غيرُ مَسْمُوعٍ للنَّاسِ؟ قلتُ: قد


(١) في عارضة الأحوذي لابن العربي هكذا: وهم ذرية إبليس، أجسام يأكلون ويطؤون، ويشربون ويولدون، ويموتون ويعذبون، ولا ينعمون بحال. راجع: ٣/ ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>