للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا إِذَا لَمْ يَحْتَمِلْ قَلْبُهُ قَبُولَ رُخْصَةِ اللهِ، فَأَمَّا مَنْ رَأَى الفِطْرَ مُبَاحًا وَصَامَ، وَقَوِيَ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ أَعْجَبُ إِلَيَّ.

• قوله: "وقَالَ الشَّافِعِيُّ … "إلخ، وقد ذكر العلماءُ في تأويل القَوْلَين وجوهًا أخَر، قال بعضُهم: إنَّ كلمةَ "مِنْ" في قوله: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ" زائدةٌ لتأكيدِ النَّفْي، والمعنى ليس هو البِرُّ بل قد يكونُ الإفطارُ أبَرَّ منه إذا كانَ في حَجٍّ أو جِهَادٍ؛ لتقْوَى عليه، والحاصلُ أن المعنى على القَصْر لتَعْريفِ الطَّرْفَيْن.

وقال الطَّحَاوي (١): خَرج هذا الحديثُ على شخصٍ بعَيْنِه، وهو رَجُلٌ ظُلِّلَ عليه وكانَ يَجُوْدُ بنَفْسِه، أي: ليسَ من البِرِّ إنْ بلغَ الإنسانُ هذا المبلغَ، واللهُ قد رخَّصَ له في الفِطْر (٢). وأمَّا حديثُ "أوْلئكَ الْعُصَاة" فمَحْمَلُه الجِهَاد، وقُرْبُ العَدُوِّ مع أمْر أولى الأمْر بالإفطار لذلك قولا وفعلا كما شأن ورود الحديث.


(١) هو: الإمام العلامة، الحافظ الكبير أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك الأزدي، الحجري، المصري، الطحاوي، ولد بـ"طحا" من قرى مصر، وإليها نسبته، كان ثقة ثبتا، تفقه على مذهب الإمام الشافعي ثم تحول حنفيا، ورحل إلى الشام سنة ٢٦٨ هـ، فاتصل بأحمد بن طولون، فكان من خاصته. توفي بالقاهرة ليلة الخميس، مستهل ذي القعدة، سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة. من تصانيفه: "شرح معاني الآثار"، و"بيان السنة"، و"مشكل الآثار"، و"أحكام القرآن"، و"الاختلاف بين الفقهاء"، و"مناقب أبي حنيفة". راجع لترجمته: وفيات الأعيان: ١/ ٧٢، المنتظم: ١٣/ ٣١٨، سير أعلام النبلاء: ١٥/ ٢٧، تذكرة الحفاظ: ٣/ ٨٠٨.
(٢) راجع: شرح معاني الآثار: ٢/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>