للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَفْطَرَ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ: "خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ" يَحْتَمِلُ هَذَا مَعَانِيَ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الكَفَّارَة عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا، وَهَذَا رَجُلٌ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الكَفَّارَةِ، فَلَمَّا أَعْطَاه النَّبِيُّ شيْئًا وَمَلَكَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا أَحَدٌ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنَّا، فَقَالَ النَّبِيُّ : خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ؛ لِأنَّ الكَفَّارَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الفَضْلِ عَنْ قُوتِهِ، وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ لِمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ هَذَا الحَالِ أَنْ يَأْكُلَهُ وَتَكُونَ الكَفَّارَة عَلَيْهِ دَيْنًا، فَمَتَى مَا مَلَكَ يَوْمًا مَا كَفَّرَ.

• قوله: "وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي": كنايةٌ عن الجِمَاع. "وَالعَرَقُ": - بفتح العين المهملة، والرَّاء، ورُوِي بإسْكانِ الرَّاء -. قال عياضٌ (١): والصَّوابُ فتحُ الرَّاء، وهو المشهورُ روايةً ولغةً (٢).

• قوله: "مَما بَيْنَ لابَتَيْهَا"، أي: لابتَي المدينةِ يريدُ الحَرَّتَيْن. "فَضَحِكَ النَّبِيُّ "، أي: تعَجُّبًا من حالِ الرَّجُل حيثُ جاءَ هَالِكًا مُحترقًا خائفًا على نفسِه، راغبًا في فِدَاهَا مَهْمَا أمْكَنَه، فلَمَّا وجدَ الرُّخْصَةَ طمع أنْ


(١) هو: الحافظ العلامة، شيخ الإسلام، القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض اليحصبي، السَّبْتي، الأندلسي، المالكي، ولد بمدنية "سَبْتَة" في النصف من شعبان سنة ست وسبعين وأربع مائة، دخل الأندلس طالبا للعلم، فأخذ بقرطبة عن جماعة، وجمع من الحديث كثيرا، تبحَّر في العلم، وجمع وألَّف، وسارت بتصانيفه الرُّكبان، واشتهر اسمه في الآفاق، تولى قضاء سَبْتة مدَّة، ثم نُقِل إلى قضاء غرناطة، وصنَّف التصانيف البديعة، منها: "الإكمال في شرح مسلم"، و"مشارق الأنوار"، و"الشفاء بتعريف حقوق المصطفى" وغيرها. توفي سنة أربع وأبعين وخمس مائة بمدينة "سبتة". راجع لترجمته: وفيات الأعيان: ٣/ ٤٨٣، وسير أعلام النبلاء: ٢٠/ ٢١٢، شذرات الذهب: ٦/ ٢٢٦، البداية والنهاية: ١٦/ ٣٥٢.
(٢) راجع: إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض: ٤/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>