للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيِّ ، وَغَيرِهِمْ: أَنَّ الصَّائِمَ المُتَطَوِّعَ إِذَا أَفْطَرَ فَلَا قَضَاءً عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَقْضِيَهُ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَالشَّافِعِيِّ.

• قوله: "أَمِنْ قَضَاءٍ"، أي: أكنتِ صائمةً مِنْ قَضَاءٍ.

• قوله: "فَلا يَضُرُّكِ"، أي: الإفْطَار، ولا يَلْزَم من هذَا أنْ لَا يكونَ علَيْها في ذلك قَضَاء إلا من دَلالةِ السُّكُوْت بمعنى أنَّه لو كانَ عليها قضاء في ذلك لَمَا سكتَ. وكذا لفظ "أَمِيرُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ … " إلخ، لَا يدُلُّ على عَدمِ لُزُوْم القَضَاء؛ لجَوازِ أنْ يكونَ الأمرَان أعْنِى: المضيُّ على الصَّوْم، والإفطارُ جائزَيْن له مع لُزُوْم القَضَاء إنْ أفْطَر، وهذَا ما ذَهب إليه بعضُ مُحَقِّقِي أصْحَابِنا كصاحبِ الكَنز (١)، والمحقِّقِ ابن الهُمَّام (٢)، وبِهذا القولِ يحصلُ الجمعُ بينَ غالبِ حديثِ البابِ. والله تعالى أعلم بالصواب.

وأمَّا روايةُ: "أمِيْنُ نَفْسِه": - بالنُّون - فيحتملُ أنْ يُرَادَ به أنَّه حافظٌ على نفسِه، عالمٌ بِها بمَشيْئةِ نفسِه فلْيُراع مَشِيْئةَ نفسِه، وهذا المعنى بعيدٌ على ظَاهرِ مقتضى الأمَانة، ويحتمل أن المعنى أنَّه حافظٌ على نَفْسِه في إتْمَام هذَا الصَّوْم محسوبٌ عليه فحينئذ قوله: "إِنْ شَاءَ صَامَ … " إلخ، ليسَ للتَّخْيِيْر بينَ الصَّوْم والإفْطَار، بل يكونُ للتَّلْويح على الإفطارِ مثلَ قوله تعالى:


(١) هو: حافظ الدين أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، كان فقيها، حنفيا، مفسرا، من مدينة "نسف" بين جيحون وسمرقند، وإليها نسبته. توفي ليلة الجمعة من ربيع الأول، سنة إحدى وسبع مائة، ودفن ببلدة "أيدج"، من مؤلفاته: "مدارك التنزيل" في التفسير، و"كنز الدقائق" في الفقه، و"المنار" في أصول الفقه، و"الوافي" في الفروع، وغيرها. راجع لترجمته: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة: ٢/ ٢٤٧، تاج التراجم: ١٧٤، الأعلام للزركلي: ٤/ ٦٧.
(٢) تقدمت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>