• وقوله:"وَالصَّوْمُ لِي … " إلخ، مأخوذٌ من قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (١) بناءً على أن الصبرَ هو الصَّوْم، وأنَّ قوله:"الصَّوْمُ لِيْ … " إلخ، كنايةٌ عن تعظيمِ جَزَائِه، وأنَّه لا حدَّ له كجزاء سَائِر الأعمالِ بقرينةِ المُقَابَلة، ويكونُ قولُه:"والصَّوْمُ جُنَّةٌ": من كلامِه ﷺ، ويمكنُ أن يكونَ هذا الكلامُ بعَيْنِه مِمَّا أوْحِي إليه وَحْيًا غيرَ مَتْلُوٍّ، وعلى هذا فإنْ قلنا: إنَّ الحديثَ … إلخ، كلامُه تعالى فحينئذٍ يكونُ قوله:"أَطْيَبُ عِنْدَ اللّهِ" من وَضْعِ الظَّاهر مَوْضِعَ الضَّمير، والأصلُ:"أطْيبُ عندي"، وإنْ قلنا: بل بعضُه والبَاقي من كلامِه - صلى الله تعالى عليه وسلم - فلا إشكالَ.
وقد اختلفوا في معنى قولِه:"والصَّوْمُ فِي … " إلخ، على أقْوالٍ، والأقربُ عندي ما أشَرْفُ إليه أنَّه كناية عن تعظيم جَزائِه، وأنَّه لاحدَّ له، وهذا هو الَّذِي تُفِيْدُه المقابلةُ؛ وذلك لأنَّ اختِصَاصَه من بين سَائر الأعمالِ بأنَّه مخصوصٌ بعظيم لا نِهايةَ لعَظْمَتِه ولا حدَّ لها، وأنَّ ذلك العظيمَ هو المُتَوَلِّي بجَزَائِه مِمَّا يَنْسَاقُ الذِّهنُ منه إلى أن جزاءَه مِمَّا لا حدَّ له، وعلى هذا فمعنى قوله:"لِيْ"، أي: أنا المُتَفَرِّدُ بعلم مقدار ثوابِه وتضعيفه. والله تعالى أعلم.
• وقوله:"أَطْيَبُ عِنْدَ اللّهِ"، أي: صاحبُه بسَببِه أكثرُ قبولًا ووجاهةً عندَه، وأزيَد قربًا منه تعالى من صاحبِ المِسْكِ بسبب ريْحِه عندَكم، وهو تعالى أكثرُ إقبالًا عليه بسببه من إقبالِكم على صاحبِ المِسْكِ بسبب ريحِه. واللّه تعالى أعلم.
• وقوله:"وَهُوَ صَائِمٌ"، أي: ذلك الأحدُ منكم صائِمٌ، أي:"فَلْيَقُلْ" باللِّسَانِ دفعًا له، ومُعْتَذِرًا عندَه عن مقابلته:"إِنِّي صَائِم" وبالقَلْب، أي: ليَتَذَّكَر