للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسُفْيَانَ، عَنْ حَبِيب بْنِ أَبِي ثَابتٍ، عَنْ أَبِي العَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ : "أَفْضَلُ الصَّوْمِ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى".

قَالَ أبُوْ عِيْسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَأَبُو العَبَّاسِ هُوَ: الشَّاعِرُ المَكِّيُّ الأعمى، وَاسْمُهُ: السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: أَفْضَلُ الصِّيَامِ أَنْ تَصُومَ يَوْمًا وَتُفْطِرَ يَوْمًا، وَيُقَالُ: هَذَا هُوَ أَشَدُّ الصِّيَامِ.

• قوله: "وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى"، أي: العدوَّ. وظاهرُ هذه الجُمْلة أنَّها عطفٌ على "يَصُوْمُ يَوْمًا" ولا شَكَّ أن تلك الجُملةَ مُسَوَّقَةٌ لبيانِ صومِ داودَ بعدَ الإخبارِ عنها بأنَّها أفضلُ الصِّيَام، كأنَّ سائلًا قال: كيف كانَ صومُ داودَ؟ فقال: "كَانَ يَصُوْمُ … ". ومقتضى [الحديثِ] أن هذا في بيانِ خيرِ الصَّوْم وهذا بظاهره لا يصلح لذلك، فكأنَّ المرادَ بالصَّوم مُطْلَقُ الصَّبْر، وكفُّ النَّفْس وإمسَاكُها على خلافِ ما تشتهيه وتَهْوي، أي: أفضلُ الصَّبر صبرُ داودَ حيث كانَ يصبِرُ على أشَدِّ الصِّيَام، وفي أشدِّ المَعارِك.

ويمكنُ أن يقال: إنَّه اعتراضٌ في آخر الكلامِ عندَ مَنْ جَوَّزَ وُقُوْعَ الاعتراضِ في الآخر، والواو اعتراضِيَّةٌ ذَكَر لنكْتَةٍ، وذلك أن مُدَاوَمَة داودَ على هذا النَّوْع من الصَّومِ الذي هو أشدُّ الصِّيَامِ على النَّفْس ربما يُوْهِم ضُعْفَه، فدَفَعَ ذلك الوهم ببيان أنَّه مع ذلك [كان] في غايةِ الشَّجَاعة. والله تعالى أعلم.

• قوله: "هُو أشَدُّ الصِّيَامِ"، أي: لا يحصلُ له عادة على الصَّوم ولا على الإفطار فيصعبُ عليه كلٌّ منهما؛ لأنَّه على خلافِ العَادةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>