للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ رُوِيَ عَن النَّبيِّ "أَنَّهُ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ". وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ أنَّهُ قال: "أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ".

وَلا أَعْلَمُ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ ثَابِتًا، وَلَوْ تَوَقَّى رَجُلٌ الحِجَامَةَ وَهُوَ صَائِمٌ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ، وَلَوْ احْتَجَمَ صَائِمٌ لَمْ أَرَ ذَلِكَ أَنْ يُفْطِرَه. قَالَ أبُوْ عِيْسَى: هَكَذَا كَانَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِبَغْدَادَ، وَأَمَّا بِمِصْرَ فَمَالَ إِلَى الرُّخْصَةِ وَلَمْ يَرَ بِالحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ احْتَجَمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهُوَ مُحْرِمٌ.

• قوله: "أفْطَرَ … " إلخ، من لا يقولُ بظاهِرِه يؤوِّله بأنَّهما تَعَرَّضَا للإفْطارِ بعُرُوْض الضُّعْف للمَحْجُوم، ووُصُوْل شيءٍ إلى الجَوْف بمَصِّ الكأسِ [أو] القَارُوْرَةِ للحَاجِم. وقيل: هو على التَّغْليظِ لهما، والدُّعَاء عليهما. وقيل: بل المراد بذلك رجلان بعَيْنِهما كانَا مُشْتَغِلَيْن بالغِيْبَة، فقال - صلى الله تعالى عليه وسلم - ذلك على معنى ذهبَ أجرُهما.

• قوله: "ثَابِتًا"، أي: من حيث الحكم؛ لكَوْنِهما صَحِيْحَيْن مُتَعَارِضَيْن، وعندَ التَّعَارُض لا يثبتُ حكمُ واحدٍ منهما إلا من حيث الإسنَاد لأنَّهما صحيحان عندَهم إسنادًا - والله تعالى أعلم - لكن قد يُقال: "احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ": لا يدُلُّ على بَقَاءِ الصَّوْم بعدَ الحِجَامة لجَواز أنَّه كان في سَفَرٍ، ويَحِلُّ له فيه الإفطارُ فأفطر بالحِجَامة، أو كانَ الصَّومُ صومَ تَطَوُّعٍ فأفطر بالحِجَامَة، بل مقتضى ما ذَكَره أنَّه كان في حَجَّةِ الوَدَاع هو أنَّه اجتمع في صَوْمِه أمران: التَّطَوُّعُ، والسَّفَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>