للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابنُ حزمٍ (١) في "حَجَّةِ الوَداع" وذكرها حديثًا حديثًا، ثم قال: هؤلاء اثنا عشر من الصحابة، أي: مع أنَسٍ بالأسانيدِ الصِّحَاح، كُلُّهُمْ يَصِفُ بغَايَة البَيانِ أن رسولَ اللهِ صلى الله تعالى عليه وسلم كان قارنًا، ولهذا رَجَّحَ المُحَقِّقُوْن في فِعْلِه صلى الله تعالى عليه وسلم القِرَانَ، وقالوا: به يَحْصُلُ الجمعُ بينَ أحاديثِ البابِ.

أمَّا أحاديثُ الإفرادِ فمَبْنِيٌّ على أن الراويَ سَمِعَه يُلَبِّي بالحَجِّ، فزعم أنَّه مُفْرِدٌ بالحَجِّ فأخبَر على حسبِ ذلك، ويحتملُ أن المرادَ بـ: "أفْرَدَ الحَجَّ" أنَّه لم يَحُجَّ بعدَ افتراضِ الحَجِّ عليه إلا حَجَّةً وَاحِدَةً.

وأمَّا أحاديثُ التَمَتُّعِ فمَبْنِيٌّ على أنَّه سَمِعَه يُلَبِّي بالعُمرةِ، فزعم أنَّه مُتَمَتِّعٌ وهذَا لا مانِعَ منه لأنَّه؛ لا مانعَ من إفْرَاد نُسُكٍ بالذِّكر للقَارِن على أنَّه قد يُخْفِي الصَّوتَ بالثَّاني، ويحتملُ أن المرادَ بالتَّمَتُّعِ القِرَانُ لأنَّه من الإطْلاقَاتِ القَديمةِ وهم كانوا يُسَمُّوْنَ القِرَانَ تَمَتُّعًا. والله تعالى أعلم.


(١) هو: الإمام العلامة، الحافظ الفقيه أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، القرطبي، ولد بقرطبة في سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، كان حافظا بعلوم الحديث وفقهه، مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة بعد أن كان شافعي المذهب، ثم انتقل إلى أهل الظاهر، وكان متفننا في علوم جمة، عاملا بعلمه، زاهدا في الدنيا، متواضعا ذا فضائل جمة، وتآليف كثيرة، من تصانيفه: "الفصل في الملل والأهواء والنحل"، و "جمهرة الأنساب"، و "الناسخ والمنسوخ"، و "جوامع السيرة"، و "فضائل الأندلس"، و "الإحكام لأصول الأحكام" وغير ذلك، توفي يوم الأحد لليلتين بقيتا من شعبان، سنة ست وخمسين وأربع مائة. راجع لترجمته: وفيات الأعيان: ٣/ ٣٢٥، تذكرة الحفاظ: ٣/ ١١٤٦، سير أعلام النبلا: ١٨/ ١٨٤، شذرات الذهب: ٥/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>