للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَابْنِ عُمَرَ. قَالَ أبُوْ عِيْسَى: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَقَدِ اخْتَارَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ، وَغَيْرِهِمُ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ. وَالتَّمَتُّعُ أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ يُقِيمُ حَتَّى يَحُجَّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ دَمٌ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّمٍ فِي الْحَجِّ أَنْ يَصُومَ الْعَشْرَ وَيَكُونَ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَصُمْ فِي الْعَشْر صَامَ أيَّامَ التَّشْرِيقِ، فِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْم مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ، مِنْهُمُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ أبُوْ عِيْسَى: وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يَخْتَارُونَ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

• قوله: "نَهَى عُمَرَ": كأنَّه مَبْنِيٌّ على زَعْم أن الله يرخص لنَبِيِّه صلى الله تعالى عليه وسلم ما شاء، وكان مَنْعُه ومنعُ من فعل معه من هذا القَبيل، فكانَ ينبَغِي لغيره أنْ يأخذَ بظاهر الكتاب وهو قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ (١) على أن معنى الإتْمَام أن يأتِيَ بكُلٍّ منهما بسَفَرٍ مُفْرَدٍ، وهذا منه رضي الله تعالى عنه اجتهادٌ، وقَلَّ مَنْ وافقَ عليه من الأمَّة بعده، بل غالِبُهم قد جوَّزُوْا التَمَتُّعَ بلا كَراهةٍ.

• قوله: "أَأَمْرَ أَبِي يُتَّبعُ؟ ": بالاسْتِفْهَام. و "يُتَّبَعُ" - باليَاء التَحْتَانِيَّةِ - على بناء المفعول - وبالتَّاء الفَوْقَانية أو النون - على بناءِ الفاعل.

• قوله: "أَوَّلُ مَنْ نَهَى مُعَاوِيَةُ": النَّهْي عن عمر، وعثمانَ رضي الله تعالى عنهما ثابتٌ فكأنَّ المرادَ أن أوَّل من نَهَى تحريمًا معاويةُ، وكان نَهْيُهُما تَنْزيْهًا. والله تعالى أعلم.


(١) البقرة: ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>