للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: قلَّد الهَدْيَ نَعْلَيْن وعلَّقَهُما في عُنُقِه وجَعَلَهما كالقِلادَةِ له. و"الشَّعرة": والإشْعَار أن يُشَقَّ أحدُ جَانِبَي سنَام البعير حتَّى يَسِيْلَ دمُها ليُعْرَفَ أنَّها هَدْيٌ، ولتَتَمَيَّز إنْ خَلَطَتْ، وعُرِفَتْ إذَا ضَلَّتْ، ويرتدع السُّرَاق عنها، ويأكُلُها الفقراءُ، وتُذْبَح حين تقربُ الهَلاكَ في الطَّريق، وليسَ بمُثْلَةٍ كالحِجَامة والفَصْدِ والخِتَان.

• وقول: "وَأَمَاطَ"؛ أي: أزَال عنه الدَّمَ.

• قوله: "قَوْل أَهْلِ الرَّأْي": أشار بِهذا إلى قولِ أبي حنيفةَ، قيل: عنده مكروهٌ، وقيل: بدعةٌ لأنَّه مُثْلَةٌ، لكن المُحَقِّقِيْنَ من أصحابِه حملوا قولَه على إشْعَار أهل زَمَانِه؛ لأنَّه رآهم يُبالغون في ذلك بحيثُ يُخَافُ منه هلاكُ البَدَنة بالسِّرَاية سَيِّمَا في حَرِّ الحِجَاز، وعلى هذا فالإشْعارُ المُقْتَصِد المُختارُ عنده من بابِ الاسْتِحْبَاب.

قلتُ: وهو المُوافقُ لما رُوِي عنه في تعليلِ الكَرَاهِيَّةِ أنَّه مُثْلَةٌ لظُهور أن مُجَرَّدَ الجرحِ لا يعَدُّ مُثْلَةً قَطُّ، وإلا لكانَ الحجامةُ والفَصْدُ مُثلةً ولا يرضى به عاقلٌ، بل المُثلةُ ما فيه تَغييرُ الصُّورةِ وذلك لا يظهرُ إلا في صورةِ المُبالَغةِ وهو المُناسبُ لقولِه: "أنَّه بِدْعَةٌ" لظُهور أن البدعةَ هي المُحْدَث في الدين، ومُجَرَّدُ الشَقِّ ليسَ كذلك إنَّما هو الشَقُّ على وَجْهِ المبالغةِ، فلعلَّ هذا هو مُرادُه بما قال. واللّه تعالى أعلم بحقيقةِ الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>