مداخلة: هناك شباب يتهمون الذين ينشغلون بالعمل السياسي بالابتداع، فهل قولهم للداعية مبتدع جائز أم لا وما هو الضابط الشرعي في ابتداع الناس؟ بارك الله فيك.
الشيخ: هذا ليس من الابتداع بسبيل ولا يسمى هذا الذي يتعاطى العمل السياسي قبل أوانه مبتدعاً، كل ما يمكن أن يقال بأنه خالف نظام الدعوة إلى الله عز وجل مجتهداً؛ لأن الابتداع في الدين هو أن يتقرب المسلم إلى الله عز وجل بعبادة لا أصل لها في الشرع، فهو يأتي بها ليزداد تقرباً إلى الله عز وجل بها في زعمه، هذا هو المبتدع، والذين يعملون اليوم في السياسة هؤلاء لا يقال أنهم ابتدعوا؛ لأن السياسة في الإسلام مأمور بها ويكفي في ذلك رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية التي اسمها السياسة الشرعية، ولكن القضية تتعلق بأساليب الدعوة وليس فيما نعتقد من أسلوب الدعوة في هذا الزمان الذي لا يكاد يوجد بلد إسلامي يشبه في فهمه للعقيدة السلفية الصحيحة المجتمع الإسلامي الأول، ولذلك فنعتقد أن الدعاة الإسلاميين حقاً هم الذين يُعنون بإصلاح عقائد من حولهم من المسلمين، أما العمل السياسي فأمر سابق لأوانه، وإن كان لا بد له منه فوجود الخليفة المسلم لا بد لهذا لقوله عليه الصلاة والسلام:«من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» ولكن هذا الخليفة لا يمكن إيجاده قبل إيجاد المجتمع الإسلامي والمجتمع الإسلامي لا يمكن تحقيقه قبل إيجاد الجماعة المسلمة حقاً، فهذه حلقات آخذ بعضها برقاب بعض، فمن أراد أن يصل إلى الحلقة الأخيرة وهي إيجاد الخليفة مثله كمثل الذي يريد أن يصل إلى رأس الأهرام وهو بعد لم يقعّد القاعدة ولم يضع الأساس لهذا البنيان الشامخ.