[قال الإمام معلقًا على قول أبي حنيفة بعدم رفع اليدين عند الركوع والرفع منه]:
هذا والذي أعتقده أن أئمتنا الأولين-أبا حنيفة وغيره- لم تبلغهم تلك الأحاديث المتواترة عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - في رفع اليدين في الموضعين المذكورين، ولو بلغتهم؛ لأخذوا بها، وتركوا حديث ابن مسعود؛ كما تركوا حديث التطبيق للأحاديث المعارضة لذلك.
ويؤيد ذلك أن أبا حنيفة رحمه الله لما سأله بعض المحدثين عن سبب تركه رفع اليدين؟ قال:«لأنه لم يصح فيه حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -». في حكاية ذكرها علماؤنا في كتبهم! فهل يعقل أن يقول عالم مثل أبي حنيفة هذا الجواب في حديث متواتر رواه عشرون من الصحابة، وعملوا به؟ ! كلا، ثم كلا. ولكن عذره في ذلك أنها لم تبلغه، ولم يكن عنده علم بها؛ فجاز له أن يقول: لم يصح فيه شيء. وبالتالي جاز له ترك العمل بها.
لكن إذا جاز ذلك لأبي حنيفة وأمثاله من المتقدمين؛ فلن يجوز ذلك مطلقاً للمتأخرين من أتباعه الذين اطلعوا على هذه الأحاديث الكثيرة، وعلموا صحتها، وأنه لا ينهض شيء من الأخبار لمعارضتها، فهم إذا تركوها تعصباً