للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التكالب على الدنيا يورث الذل]

[قال الإمام]:

ذكرت في المقال السابق بعض الأحاديث الواردة في الحض على استثمار الأرض، مما لا يدع مجالا للشك في أن الإسلام شرع ذلك للمسلمين ورغَّبهم فيه أيما ترغيب.

واليوم نورد بعض الأحاديث التي قد يتبادر لبعض الأذهان الضعيفة أو القلوب المريضة أنها معارضة للأحاديث المتقدمة، وهي في الحقيقة غير منافية لها، إذا ما أُحسن فهمها، وخلت النفس من اتباع هواها!

الأول: عن أبي أمامة الباهلي قال - ورأى سكة وشيئا من آلة الحرث فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل».

وقد وَفَّق العلماء بين هذا الحديث والأحاديث المتقدمة في المقال المشار إليه بوجهين اثنين:

أ - أن المراد بالذل ما يلزمهم من حقوق الأرض التي تطالبهم بها الولاة من خراج أو عشر، فمن أدخل نفسه في ذلك فقد عرَّضها للذل.

قال المناوي في «الفيض»: «وليس هذا ذماً للزراعة فإنها محمودة مُثَاب عليها لكثرة أكل العوافي منها، إذ لا تلازم بين ذل الدنيا وحرمان ثواب البعض».

ولهذا قال ابن التين: «هذا من إخباره - صلى الله عليه وآله وسلم - بالمغيبات، لأن المشاهد الآن أن

<<  <  ج: ص:  >  >>