أبو إسحاق الحويني: في قوله تبارك وتعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}[البقرة: ٤٤]، فيقول: أنه يخشى أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فتكون حجة عليه؛ لأنه لا يمتثل، فيقرأ قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «يؤتى بالرجل يوم القيامة يدور في النار كحمار الرحى .. » الحديث، فيقول: كيف نخرج من إثم عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من هذه الآية وهذا الحديث؟
الجواب: نعم، أذكر جيداً أنني كنت قرأت في تفسير الإمام القرطبي الجامع لتفسير القرآن، هذه الشبهة التي وجهت إلى الإمام مالك رحمه الله، فأجاب: ود الشيطان أن يسمع منكم مثل هذه الشبهة.
من منا باستطاعته أن يأتمر بكل ما يأمر، وأن ينتهي عن كل ما ينتهي، ولكن على المسلم أن يحرص على أن يعمل بما يأمر وأن ينتهي عما نهى عنه، ولكن إذا كان يشعر أنه أحياناً قد يأمر بالشيء ولا يأتمر به، وينهى عن شيء آخر ولا ينتهي عنه، فهنا يجب أن نستحضر حقيقتين اثنين، الأولى أشرت إليها آنفاً، وهي:
أن يحرص أن يعمل بما يأمر وأن ينتهي عما ينهى عنه.
الحقيقة الثانية أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عليه واجبان، أحدهما الأمر والنهي، والآخر عدم المخالفة لما يأمر ولما ينهى، فإذا أخذنا بأحد الأمرين فلا ينبغي أن يخل بالأمر الآخر ...