قال المقداد رضي الله عنه:«والله لقد بعث الله النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على أشد حال بعث عليها فيه نبي من الأنبياء في فترة وجاهلية، ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق بين الوالد وولده حتى إن كان الرجل ليرى والده وولده أو أخاه كافرا، وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، وإنها للتي قال الله عز وجل:{الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين}».
[بوب له الإمام بقوله]: دعوة الحق والخلاف حولها. ثم قال:
التفريق المذكور في هذا الحديث له أصل في «صحيح البخاري»(رقم ٧٢٨١) من حديث جابر بن عبد الله قال: «جاءت الملائكة إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان .. » الحديث، وفيه:«فمن أطاع محمدا - صلى الله عليه وآله وسلم - فقد أطاع الله، ومن عصى محمدا فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس». قلت: ففي الحديث دليل صريح أن التفريق ليس مذموما لذاته، فتنفير بعض الناس من الدعوة إلى الكتاب والسنة، والتحذير مما يخالفهما من محدثات الأمور، أو الزعم بأنه ما جاء وقتها بعد! بدعوى أنها تنفر الناس وتفرقهم - جهل عظيم بدعوة الحق وما يقترن بها من الخلاف والتعادي حولها كما هو مشاهد في كل زمان ومكان، سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا، {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك}.