فهذا هو العمل الثاني من مشروعنا "موسوعة العلامة الإمام مجدد العصر محمد ناصر الدين الألباني"، وقد خَصَّصْنَاهُ لجمع المسائل المنهجية من تراث العلامة الألباني بالإضافة إلى كلامِهِ في الأحداثِ الدولية الكبرى التي عاصَرَها، وأسمَيناه "جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى".
والحقُّ أنَّ هذا العَمل لا نُقدِّمُه لأبناءِ عصرِنا فحسب، بل نقدمه للتاريخ! فالآراء والأفكار الوارِدة في هذا الكتاب ستبقى -بإذن الله- نبراسًا تستنير به الأجيال ما دامت السموات والأرض، وستبقى شاهدةً على تجربةٍ نادرةٍ من نوعها، لإمامٍ فَذّ قَلَّما يجود الزمان بمثله .. عاش همومَ أمَّتِه وامتزجَ بها، واحترقَ قلبُه كمدًا لما أصابها من وَهَنٍ وضَعْف .. فُتِحت عيناه على جيلٍ تائهٍ من أبناء أُمَّتِه .. يتخبَّطون بين ظُلمات الشُّبُهات والشَّهوات .. يتساءلون: أين السبيل؟ ! .. ويتلمَّسون بصيصًا من نُورٍ يأخذ بأيديهم إلى حيث ينبغي أن يكونوا ليعودوا بأمتهم إلى حيث ينبغي أن تكون! .. فسخَّره الله لهم ناصحًا وموجهًا، مستخلصًا عصارة عشرات السنين من الاطِّلاع على كتاب الله تعالى وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، والتأمُّل في طريقة السلف أصحاب الحديث، وسيرة أئمة الإسلام على مرِّ العُصُور، ليُبَصِّرِ أبناء أمته بـ (منهجٍ) يعود بهم وبأمتهم إلى قِمَّةٍ كان الرعيلُ الأول قد اعتلاها يومًا ما في الزمن الغابر، ثم ضَيَّع من جاء بعدهم طريقهم