ومن الأمور التي ينبغي ذكرها هنا: أن الذين يستطيعون حمل الأمة على ما يجب عليها وجوباً عينياً أو كفائياً؛ ليسوا هم الخطباء المتحمسين، ولا الفقهاء النظريين؛ وإنما هم الحكام الذين بيدهم الأمر والتنفيذ، والحل والعقد، وليس -أيضاً- أولئك المتحمسين من الشباب، أو العاطفيين من الدعاة ... الذين ليس بيدهم حل ولا ربط! !
فعلى الخطباء والعلماء والدعاة أن يُرَبُّوا المسلمين على قبول حكم الإسلام، والاستسلام له، ثم دعوة الحكام -بالتي هي أحسن للتي هي أقوم- إلى أن يستعينوا بالفقهاء والعلماء على اختلاف علمهم وتنوع فقههم؛ فقه الكتاب والسنة، فقه اللغة، فقه السنن الكونية، فقه الواقع. . . وغير ذلك من مهمات؛ إعمالا منهم للمبدأ الإسلامي العظيم؛ مبدأ الشورى، ويومئذٍ تستقيم الأمور، ويفرح المؤمنون بنصر الله {فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا}[الشورى: ٤].
[علة ذل المسلمين]
ولا بُدَّ هنا من بيان أمرٍ مهمٍّ جداً يغفل عنه الكثيرون، فأقول: ليست علة بقاء المسلمين فيما هم عليه من الذل واستعباد الكفار -حتى اليهود- لبعض الدول الإسلامية: هي جهلَ الكثيرين من أهل العلم بفقه الواقع، أو عدم الوقوف على مخططات الكفار ومؤامراتهم، كما يتوهم!