وأنا لا أخالف في صورة هذا العلم الذي ابتدعوا له هذا الاسم، ألا وهو «فقه الواقع»؛ لأن كثيراً من العلماء قد نصوا على أنه ينبغي على من يتولون توجيه الأمة؛ ووضع الأجوبة لحل مشكلاتهم: أن يكونوا عالمين وعارفين بواقعهم؛ لذلك كان من مشهور كلماتهم:«الحكم على الشيء فرع عن تصوره»، ولا يتحقق ذلك إلا بمعرفة (الواقع) المحيط بالمسألة المراد بحثها، وهذا من قواعد الفتيا بخاصةٍ، وأصول العلم بعامةٍ.
ففقه الواقع-إذاً-هو الوقوف على ما يهم المسلمين مما يتعلق بشؤونهم، أو كيد أعدائهم؛ لتحذيرهم والنهوض بهم: واقعياً، لا كلاماً نظرياً، أو انشغالاً بأخبار الكفار وأنبائهم ... أو إغراقاً بتحليلاتهم وأفكارهم! !
[أهمية معرفة الواقع]
فمعرفة الواقع للوصول به إلى حكم الشرع واجب مهمٌ من الواجبات التي يجب أن يقوم بها طائفةٌ مختصةٌ من طلاب العلم المسلمين النبهاء، كأي علمٍ من العلوم الشرعية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو العسكرية، أو أي علمٍ ينفع الأمة الإسلامية ويدنيها من مدارج العودة إلى عزها ومجدها وسؤددها، وبخاصةٍ إذا ما تطورت هذه العلوم بتطور الأزمنة والأمكنة.
[من أنواع «الفقه» الواجبة]
ومما يجب التنبيه عليه في هذا المقام: أن أنواع الفقه المطلوبة من جملة