ونحن لا نتصورُ وجود إنسانٍ كاملٍ بكل معنى هذه الكلمة، أي: أن يكون عالماً بكل هذه العلوم التي أشرتُ إليها، وسبق الكلام عليها.
فالواجب إذاً: تعاونُ هؤلاء الذين تفرغوا لمعرفة واقع الأمة الإسلامية وما يحاك ضدها، مع علماء الكتاب والسنة وعلى نهج سلف الأمة، فأولئك يقدمون تصوراتهم وأفكارهم، وهؤلاء يبينون فيها حكم الله سبحانه، القائم على الدليل الصحيح، والحجة النيرة.
أما أن يصبح المتكلم في «فقه الواقع» في أذهان سامعيه واحداً من العلماء والمفتين، لا لشيء إلا لأنه تكلم بهذا «الفقه» المشار إليه؛ فهذا ما لا يحكم له بوجه من الصواب؛ إذ يُتَّخَذُ كلامُهُ تكأةً تُرَدُّ بها فتاوى العلماء، وتُنقَض بها اجتهاداتهم وأحكامهم.
خطأ (العالم) لا يُسقطُهُ:
ومن المهم بيانه في هذا المقام: أنه قد يخطئ عالمٌ ما في حكمه على مسألةٍ معينةٍ من تلك المسائل الواقعية، وهذا أمر (حدث) ويحدث، ولكن. . . هل هذا يسقط هذا العالم أو ذاك، ويجعل المخالفين له يصفونه بكلمات نابيةٍ لا يجوزُ إيرادها عليه، كأن يُقال مثلاً-وقد قيل-: هذا فقيهُ شرعٍ وليس فقيه واقعٍ؟ ! !