من ذلك علي؛ فإني أعلم أيضاً أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وأن:
«من أرضى الناس بسخط الله؛ وكله الله إلى الناس»؛ كما قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولله در من قال:
ولست بناحٍ من مقالة طاعنٍ ... ولو كنتُ في غارٍ على جبل وعر
ومن ذا الذي ينجو من الناس سالماً ... ولو غاب عنهم بين خافيتي نسرٍ
فحسبي أنني معتقد أن ذلك هو الطريق الأقوم، الذي أمر الله تعالى به المؤمنين، وبينه نبينا محمد سيد المرسلين، وهو الذي سلكه السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وفيهم الأئمة الأربعة-الذين ينتمي اليوم إلى مذاهبهم جمهور المسلمين-، وكلهم متفق على وجوب التمسك بالسنة، والرجوع إليها، وترك كل قول يخالفها، مهما كان القائل عظيماً؛ فإن شأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أعظم، وسبيله أقوم.
ولذلك فإني اقتديت بهداهم، واقتفيت آثارهم، وتبعت أوامرهم بالتمسك بالحديث؛ وإن خالف أقوالهم، ولقد كان لهذه الأوامر أكبر الأثر في نهجي هذا النهج المستقيم، وإعراضي عن التقليد الأعمى. فجزاهم الله تعالى عني خيراً.
[أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها]
ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو بعضها، لعل فيها عظة وذكرى لمن يقلدهم- بل يقلد من دونهم بدرجات- تقليداً أعمى، ويتمسك بمذاهبهم وأقوالهم؛ كما لو كانت نزلت من السماء، والله عز وجل يقول: