للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبي حنيفة، وتقليداً له؛ فهم مع مخالفتهم للسنة الثابتة عنه - صلى الله عليه وآله وسلم -، مخالفون أيضاً لإمامهم؛ فإنه رضي الله عنه لأمثال هؤلاء وَجَّه تلك الأقوال المأثورة عنه رضي الله عنه؛ كقوله:

«إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي». وقوله:

«لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا ما لم يعلم من أين قلنا». فإذا كان رضي الله عنه لا يحل لأحد أن يفتي بقوله في مسألة إلا إذا علم دليله فيها؛ فكيف يجيز لأحد من أتباعه أن يفتي فيها وقد علم ضعف ما استند إليه بالنسبة للأدلة الصحيحة الأخرى-كما في مسألتنا هذه، وغيرها من المسائل الماضية والآتية-؟ !

فنحن نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقنا لاتباع سنة نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ونرجو منه تعالى أن يجزي خير الجزاء الإمام أبا حنيفة وغيره من الأئمة الذين وجهونا هذا الاتجاه الحسن نحو السنة؛ بأمثال هذه الأقوال الجوهرية الثمينة.

فثبت بما ذكرنا أن من ترك السنة الثابتة لقول إمام؛ فهو مخالف له، وهو غير راضٍ عنه. ولذلك خالفه في هذه المسألة غير ما واحد من أتباعه المتقدمين والمتأخرين. وأقدم من وقفنا عليه منهم هو عصام بن يوسف: أبو عصمة البلخي، تلميذ أبي يوسف رحمه الله، المتوفي سنة (٢١٥ هـ)، فقد أوردوه في تراجم الحنفية، وذكروا أنه كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه.

وعلق على ذلك العلامة أبو الحسنات اللكنوي في كتابه «الفوائد البهية»:

«يعلم منه بطلان رواية مكحول عن أبي حنيفة: «أن من رفع يديه في

<<  <  ج: ص:  >  >>