للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: طيب! لكن هذا الاستدلال هو في الدولة الإسلامية ولا شك.

مداخلة: نعم.

الشيخ: طيب! فهل هذا ينقض القاعدة؟ «إنا لا نولي من طلب الولاية» لا ينقض القاعدة، دائمًا من القواعد العلمية الصحيحة أنه إذا كان هناك قاعدة عامة ثم وجدنا جزئية تخالف القاعدة، لا يجوز أن نضرب القاعدة في هذه الجزئية وإنما نستثنيها ونقول: القاعدة سليمة لكن هذه الجزئية لها ملابساتها ولها ما يسوغها أو يبررها، فالآن: عثمان بن أبي العاص الثقفي جاء هو وقومه ليبايعوا الرسول عليه السلام على الإسلام، وكان هو سبق قومه إلى الإسلام، فلما رجع مع قومه، فرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يتمكن من معرفة من يليق بأن يكون إمامًا على قومه قوم عثمان بن أبي العاص، فهنا شبه كبير جدًا بالآية التي ذكرها الأخ آنفًا حين قال يوسف لعزيز مصر: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: ٥٥] فهذا ليس تزكية لنفسه أولًا، وثانيًا: لأن عزيز مصر يجهل تمامًا قدرة يوسف عليه السلام كما يجهل نبوته، ففي هذه الحالة ممكن أن يستثنى من القاعدة؛ لأن القاعدة تعني: أن من يطلب الولاية إنما يعني ليستفيد من ورائها، وقد يستفيد منها ليس مالًا وإنما جاهًا ومنزلًة وسمعًة عند الناس، وهذا الإمارة تفسده كما تفسد الضعيف في إرادته.

فعثمان بن أبي العاص لما جاء مع قومه إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ورجعوا فمن يقود هذه الجماعة ومن يقوم عليها، فهو يعرف نفسه ويعرف قومه ولا يمكن عادًة أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يعرف من هو الأولى بإمارة هذه القبيلة بخاصة، فقال عثمان رضي الله عنه: اجعلني إمامًا، فقال له كما سمعتم.

الشاهد: أن هذه الجزئية لا يجوز اتخاذها مبدأ وقاعدة، وبخاصة مثلما لاحظ

<<  <  ج: ص:  >  >>