للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يهتمون حتى بهذا القسم الذي سموه باللَّباب، يهتمون به دون أن يهتموا بالقسم الآخر، وأنا أُلفت النظر إلى حقيقة علمية إذا كان المسلم على بينة منها، فيتبين أنه لا مجال إطلاقاً للعالم الباحث في الكتاب والسنة إلى تقسيم الإسلام إلى لب وقشر، وهذا لوكان ممكناً لما تمكن منه إلا من أحاط بالإسلام علماً وهذا يكاد أن يكون أمراً مستحيلاً؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: ٢٥٥]، ولذلك فالواجب على الداعية المسلم أن يبلغ الناس الإسلام ككل في حدود علمه، وأن لا يزعم التقسيم المذكور آنفاً لب وقشور؛ لأن الإسلام كله خير وبركة وأن هذا التقسيم لو سُلِّم به لقلنا لا بد للمحافظة على اللُّب من القشر كما هو الأمر والشأن فيما نراه في حياتنا المعاشية، حيث نأكل كثيراً من الفواكه والثمار ولا بد لتطيب لنا من أن نحافظ عليها بقشورها، هذا من باب التمثيل والتقريب، ولكننا في الواقع لا نُسَلِّم بهذه التسمية أن نقول أن الإسلام لب وقشر، لكننا نقول هناك ما لا بد من معرفته أولاً، ثم لا بد من العمل به ثانياً، وهناك أشياء أخرى لا بد من معرفتها علماً بالنسبة لطائفة من الناس هم أهل العلم، وهذا ما يسمى عند العلماء بالفرض الكفائي، ثم من الناحية العملية أيضاً فإنما يجب القيام به على طائفة دون أن يجب على كل فرد من أفراد المسلمين، ثم من ما جاء في السنة

وبهذا أختم الجواب عن هذا السؤال أن ما ليس بالواجب قد يكون مساعداً لمن قد يكون قَصَّر في واجب ما، وأعني بذلك الحديث المعروف عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «أول ما يحاسب العبد يوم القيامة الصلاة، فإن تمت فقد أفلح ونجح، وإن نقصت فقد خاب وخسر».

وجاء في حديث آخر: «فإن نقصت قال الله عز وجل لملائكته: انظروا هل لعبدي من تطوع، فتتموا له به فريضته».

<<  <  ج: ص:  >  >>