للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسنة قوله عليه الصلاة والسلام: «لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» هذا خبر من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يتضمن تحذيرًا وذلك بأن هذه الأمة كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة» وفي رواية: «حتى يأتي أمر الله».

إذًا: قد بشرنا الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث الصحيح بأن الأمة لا تزال في خير، فحينما يأتي ذلك الإخبار الخطير: «لتتعبن سنن من قبلكم» فلا يعني أن كل في فرد من أفراد الأمة ستتبع سنن الكفار وإنما سيكون ذلك في هذه الأمة فحينما يقول: لتتبعن، فهو بمعنى التحذير، أي: إياكم أن تتبعوا سنن من قبلكم فإنه سيكون فيكم من يفعل ذلك، وقد جاء في رواية أخرى خارج الصحيحين، وهي ثابتة عندي يمثل الرسول فيها تقليدًا للكفار إلى درجة خطيرة لا يكاد الإنسان يصدق بها إلا إذا كان مؤمنًا خالصًا، ثم الواقع يؤكد ذلك، قال عليه السلام في تلك الرواية: «حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك» حتى لو كان فيهم من يأتي أمه .. يزني بأمه وليس ساترًا على نفسه وعلى أمه بل على مرأى من الناس وعلى قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك.

التاريخ العصري اليوم يؤكد أن ما نبأنا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من اتباع بعض هذه الأمة سنن من قبلنا قد تحقق إلى مدى بعيد وبعيد جدًا وإن كنت أعتقد أن لهذا التتبع بقية، فقد جاء في بعض الأحاديث الثابتة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس على الطرقات تسافد الحمير» وهو الفاحشة، على الطرقات كما تتسافد الحمير، هذا هو منتهى التشبه بالكفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>