يعادون من لم يكن في تكتلهم وفي منهجهم ولو كان أخاً مسلماً صالحاً، يعادونه لأنه لم ينضم إلى هذا التكتل الخاص أو التحزب الخاص، بل وصل الأمر بحزب من الأحزاب المعروفة إلى أن من مبادئهم أن يفرضوا على كل فرد من أفراد حزبهم أن يتبنوا أي رأي يتبناه الحزب مهما كان هذا الرأي لا قيمة له من الناحية الإسلامية، لكن قيمة هذا الرأي من الناحية التكتلية الحزبية، فإذا ذلك الفرد من ذاك الحزب لم يقتنع برأي من رأي ذلك الحزب فُصِل ولم يعتبر من هذا الحزب الذي يقولون: إنه حزب إسلامي.
وهذا معناه: أن يعود هؤلاء الناس إلى ما يشبه النصارى في اتباعهم لأحبارهم في تحريمهم وتحليلهم أولئك الذين نزل في حقهم قوله تبارك وتعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}[التوبة: ٣١].
ينبغي على أي تكتل إسلامي صحيح أن يعطى للأفراد حريتهم العلمية، فلا مانع أن يكون في ذلك التكتل الإسلامي شخصان أحدهما يخالف الآخر، لأننا نعتقد كما قيل قديماً:
وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف
فكما نعرف أنه كان في السلف الأول نوع من الاختلاف في بعض المسائل الشرعية فما كان ذلك بالذي يلزم الحاكم المسلم بأن يفرض رأيه على كل مسلم يتبناه ولو كان مخالفاً لرأي هذا الفرد.
ومما يحسن ذكره بهذه المناسبة رأي عمر رضي الله عنه وهو الخليفة الراشد والذي شهد له الرسول عليه السلام بقوله:«ما سلكت فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجك» كان قد رأى بعض الآراء ومع ذلك فقد خولف فيها وإن كان اتبعه في ذلك بعض من جاء من بعده، كمثل نهيه الناس عن التمتع بالعمرة إلى