إلى الحديث عن الناس، وتتبع عثراتهم، ويحاولون أن ينبشوا دفائن صدورهم، ويتغلغلوا في أطواء أسرارهم ..
- لا يهدؤون ساعةً عن تصديع رؤوسنا وتمزيق أفئدتنا بصواعق التبديع التي يمطرونها كلَّ يوم من سماء منهجهم العطن ..
- أناسٌ قد هان عليهم أمرَ الظُّلْم، حتى إنك لتجد الرجل المنصف فتحكي عليهم أمره، وتعرض عليهم سِرَّه، وتظرفهم بحديثه، وتمتعهم بأخباره، كأنك تعرض شيئًا من عجائب المخلوقات، أو نوعًا من خوارق العادات، أو ضربًا من أسرار الكائنات ..
- يسمع أحدهم كلمة حقٍّ من صاحبه، ويعتقد أنها كلمة حق، ولكنه يبغضه فيبغض الحق لأجله، وينبري للرد عليه بحُجج واهية، وبدعوى الدفاع عن المنهج ..
- إذا ابتُليت بشاعرٍ من شعرائهم، أنشأ يترنَّم أمامك بقصيدةٍ من قصائد التبديع تشعر كأنَّما يجرعك السمَّ قطرةً قطرة، حتى إنك تتمنى أنْ لو ضربك بها جملة واحدة على أُمِّ رأسك يكون فيها انقضاء أجلك فيريحك من هذا العذاب الذي سماه شعرًا، ويزيح عن كتفك هذا العناء الذي سماه نظمًا ..
- وإن كثيرًا من الكلام الذي أودعوه كتبهم ورسائلهم، وأمطروه على آذان مستمعيهم، لو مسخه الله شيئًا غير الحروف لطار ذبابًا على وجوه القُرَّاء والمستمعين ..
- إذا رأيت الجاهلَ فيهم مُقَدَّمًا، والسفيه فيهم موقَّرًا، فسوَّلت لك نفسك أن تسأل أحد أتباعهم مستفهمًا مستنكرًا عن السر الخطير وراء هذا التقديم والتقدير، لجحظت عيناه فيشعرك أن الله قد خلقه في هذه الدنيا لتدقيق النظر، ثم تشعر وكأن تيارًا كهربائيًّا قد سرى من نفسه إلى يده، فتشنجت أعصابه وتصلَّبت