إن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قال في الحديث الصحيح، في مناسبة وصيته لبعض أصحابه بالاعتدال في العبادة التي كان هو متوجهاً إليها من قيام وصلاة وصيام، قال عليه الصلاة والسلام في هذه المناسبة:«إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل».
ولذلك فنحن ننصح إخواننا هؤلاء السلفيين والذين يقولون عن أنفسهم أو يقول عنهم غيرهم إنهم دعاة، نقول لهؤلاء: تمهلوا ولا تستعجلوا الأمر؛ لأن من الحكم المنقول عن بعضهم: من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه.
والعبرة قائمة في كثير من الجماعات الإسلامية، ومن أقدمها في الساحة الإسلامية أنهم لما شغلوا أنفسهم بالدعوة التي يتبنونها، دعوا إليها عامة المسلمين ويكاد أن يمضي عليهم قرن كامل من الزمان، وهم لا يزالون حيث كانوا من حيث العلم ومن حيث التربية.
وعلى التعبير العسكري في بعض البلاد: مكانك راوح. هناك حركة وهناك نشاط، ولكن ليس هناك تقدم، فهذه الحركة وهذا النشاط قد عاد عليهم بالخسران؛ لأن الإنسان حينما يتعاطى أمراً ولو كان هذا الأمر أمراً دنيوياً محضاً، ولكن هو أقل ما يقال فيه إنه أمر مباح أن عليه أن يعيد حسابه ونظره في كسبه أو في خسارته، فإذا قضى دهراً من الزمان, عدم حصوله على مرامه وعلى غرضه كل هذه المدة، دليل أن الخطوة أو السبيل الذي كان يسلكها للوصول إلى هدفه المنشود، مما لا يؤدي إلى مراده ومرامه، وكما قيل قديماً في مثل هذه المناسبة:
أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا يا سعد تورد الإبل
ولذلك نحن منذ عشرات السنين نؤكد على إخواننا المسلمين: أن الدعوة