ترى لو كانت الآية بحذف جملة سبيل المؤمنين، لو كانت سياقاً مختصراً من هذا السياق، مثلاً:{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ... } إلى آخر الآية.
ترى هل نخسر شيئاً أم لا؟ بمعنى: في كثير من الأحيان تأتي جملة توضيحية وبيانية هل هذه الجملة هي على سبيل البيان للرسول عليه الصلاة والسلام المذكور في هذه الآية من القرآن أم هي تتضمن فائدة زائدة عما يتضمنه لفظة الرسول عليه السلام: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥] لماذا ذكر الله: ويتبع غير سبيل المؤمنين؟ ألا يكفيه أنه شاقق الرسول؟ يكفيه، لكن لماذا ذكر: ويتبع غير سبيل المؤمنين؟ هنا البلاغة القرآنية، هنا الإعجاز القرآني، ذكر سبيل المؤمنين؛ لكي يكونوا قدوة للخالفين من بعدهم لأمثالنا نحن، فلا يجوز لنا أن نأتي مثلاً إلى النص في القرآن أوفي حديث الرسول عليه الصلاة والسلام فنفسره نحن من عندنا تفسيراً يخالف ما صار عليه المؤمنون الأولون من قبلنا، والمؤمنون الأولون من قبلنا وهم المقصودون في آية ربنا هذه المذكورة آنفاً في القرآن: ليسوا هم إلا المشهود لهم بالخيرية في قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصحيح بل المتواتر صحة عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
هؤلاء الذين زُكُّوا بلسان الرسول عليه السلام، أما من بعدهم فيقول الرسول عليه السلام في بعض الروايات الصحيحة:«أنهم يشهدون ولا يستشهدون».
كناية على أنهم يشهدون شهادة الزور، وعلامتهم السمن البطر في الطعام والشراب ولا هَمَّ لهم إنما كما قال تعالى: {وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ