- صلى الله عليه وآله وسلم -، لماذا ذكر مع سنته في الحديث السابق أصحابه وفي الحديث اللاحق الخلفاء الراشدين من أصحابه؟ ذلك لأنهم قد تلقوا الشرع مبينًا من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله وبفعله، فنحن ما سمعنا أقواله ولا رأينا أفعاله وإنما تعلمنا ذلك من طريق أصحابه، وأصحابه هم الذين طبقوا شريعة الله التي فهموها من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تطبيقًا صحيحًا.
ولذلك فلا يجوز للمسلم أن يكتفي بالرجوع إلى الكتاب وإلى السنة فقط، وإنما يضيف إلى ذلك ما أضافه الرسول عليه السلام في حديث الفرق، وفي حديث الخلفاء الراشدين، وذلك مما أشار إليه رب العالمين في القرآن الكريم حينما قال عز وجل:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥] قال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: ١١٥] ما قال الله عز وجل: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تين له الهدى نوله ما تولى} وإنما عطف على مشاققة الرسول فقال: {ويتبع غير سبيل المؤمنين} أذكر هذا ربنا عبثًا؟ حاشى لله تبارك وتعالى، فما في القرآن كلمة إلا لحكمة بالغة فضلاً عن جملة كهذه الجملة:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥] الحكمة في ذلك هو ما ذكرته آنفًا.
ولذلك احتج الإمام الشافعي على أنه لا يجوز مخالفة سبيل المؤمنين، ولا تكون هذه المخالفة إلا بركوب بعض الناس رؤوسهم وتأويلهم لبعض النصوص من الكتاب والسنة دون الاستعانة على فهم تلك النصوص بما كان عليه سلفنا الصالح، ولذلك فنحن نعلم يقينًا أن سبب تفرق المسلمين إلى ثلاثة وسبعين فرقة واحدًة منها هي الفرقة الناجية ذلك؛ لأنها تمسكت بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، أما من تمسك بالكتاب والسنة على تفسيره هو، وأعرض عما كان عليه السلف الصالح فقد خالف الآية: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ