للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن الحديث-مع ضعفه- مخالف للقرآن الكريم؛ فإن الآيات الواردة فيه- في النهي عن الاختلاف في الدين، والأمر بالاتفاق فيه-أشهر من أن تذكر، ولكن لا بأس من أن نسوق بعضها على سبيل المثال؛ قال الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦]. وقال: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: ٣١ - ٣٢]. وقال: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: ١١٨ - ١١٩]. فإذا كان من رحم ربك لا يختلفون، وإنما يختلف أهل الباطل؛ فكيف يعقل أن يكون الاختلاف رحمة؟ !

فثبت أن هذا الحديث لا يصح؛ لا سنداً ولا متناً، وحينئذٍ يتبين بوضوح أنه لا يجوز اتخاذه شبهة للتوقف عن العمل بالكتاب والسنة، الذي أمر به الأئمة.

٢ - وقال آخرون:

«إذا كان الاختلاف في الدين منهياً عنه؛ فماذا تقولون في اختلاف الصحابة، والأئمة من بعدهم؟ وهل ثمة فرق بين اختلافهم، واختلاف غيرهم من المتأخرين؟

فالجواب: نعم؛ هناك فرق كبير بين الاختلافين، ويظهر ذلك في شيئين:

الأول: سببه.

والآخر: أثره.

فأما اختلاف الصحابة؛ فإنما كان عن ضرورة واختلاف طبيعي منهم في الفهم؛ لا اختياراً منهم للخلاف، يضاف إلى ذلك أمور أخرى كانت في زمنهم، استلزمت اختلافهم، ثم زالت من بعدهم، ومثل هذا الاختلاف لا

<<  <  ج: ص:  >  >>