كيف يكون أصلاً، والكتاب ينفي الاختلاف؟ ! وإن قلت: بقياس. قيل: كيف تكون الأصول تنفي الخلاف، ويجوز لك أن تقيس عليها جواز الخلاف؟ ! هذا ما لا يجوزه عاقل؛ فضلاً عن عالم».
فإن قال قائل: يخالف ما ذكرته عن الإمام مالك أن الحق واحد لا يتعدد ما جاء في كتاب «المدخل الفقهي» للأستاذ الزرقا (١/ ٨٩):
«ولقد هم أبو جعفر المنصور، ثم الرشيد من بعده أن يختارا مذهب الإمام مالك وكتابه «الموطأ» قانوناً قضائياً للدولة العباسية، فنهاهما مالك عن ذلك وقال:
«إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - اختلفوا في الفروع، وتفرقوا في البلدان، وكل مصيب».
وأقول: إن هذه القصة معروفة مشهورة عن الإمام مالك رحمه الله، لكن قوله في آخرها:
«وكل مصيب». مما لا أعلم له أصلاً في شيء من الروايات، والمصادر التي وقفت عليها، اللهم! إلا رواية واحدة أخرجها أبو نعيم في «الحلية»(٦/ ٣٣٢) بإسناد فيه المقدام بن داود، وهو: ممن أوردهم الذهبي في «الضعفاء»، ومع ذلك فإن لفظها:
«وكل عند نفسه مصيب». فقوله:
«عند نفسه». يدل على أن رواية «المدخل» مدخولة، وكيف لا تكون