ليس إمام مذهبكم فقط هو أعلم منكم بالسنة؛ بل هناك عشرات؛ بل مئات الأئمة هم أعلم أيضاً منكم بالسنة، فإذا جاءت السنة الصحيحة على خلاف مذهبكم- وكان قد أخذ بها أحد من أولئك الأئمة-؛ فالأخذ بها-والحالة هذه- حتم لازم عندكم؛ لأن كلمتكم المذكورة لا تنفق هنا، فإن مخالفكم سيقول لكم معارضاً: إنما أخذنا بهذه السنة؛ ثقة منا بالإمام الذي أخذ بها؛ فاتباعه أولى من اتباع الإمام الذي خالفها. وهذا بين لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى.
ولذلك؛ فإني أستطيع أن أقول:
إن كتابنا هذا لما جمع السنن الثابتة عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - في صفة صلاته؛ فلا عذر لأحد في ترك العمل بها؛ لأنه ليس فيه ما اتفق العلماء على تركه-حاشاهم من ذلك-؛ بل ما من مسألة وردت فيه؛ إلا وقد قال بها طائفة منهم، ومن لم يقل بها؛ فهو معذور، ومأجور أجراً واحداً؛ لأنه لم يرد إليه النص بها إطلاقاً، أو ورد لكن بطريق لا تقوم عنده به الحجة، أو لغير ذلك من الأعذار المعروفة لدى العلماء.
وأما من ثبت النص عنده من بعده؛ فلا عذر له في تقليده؛ بل الواجب اتباع النص المعصوم، وذلك هو المقصود من هذه المقدمة، والله عز وجل يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال: ٢٤].
والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل، وهو نعم المولى ونعم النصير. وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.