الحنفية» ذكر ترجمة من أحد علماء الحنفية، وهو المسمى بعصام البلخي، عصام البلخي هذا من الطبقة الثانية من تلامذة أبي حنيفة، لأن شيخ عصام البلخي هو أبو يوسف، وهو كما هو معلوم تلميذ أبي حنيفة، عصام البلخي هذا تلميذ أبي يوسف ذكر أبو الحسنات اللكنوي في ترجمته أنه كان يرفع يديه في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه، وهذا بلا شك كما يعلم العارفون بتراجم الحنفية أمر غريب شاذ بالنسبة لعلماء الأحناف؛ لأنهم مطبقون تبعاً لأئمتهم الثلاثة: أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن الشيباني، وأبو يوسف القاضي، كل هؤلاء الثلاثة قالوا بعدم شرعية رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه، بل قالوا بكراهية هذا الرفع كراهة تحريم، فلما رئي عصام البلخي هذا وهو منهم يرفع يديه في الصلاة سئل: كيف أنت ترفع يديك في الصلاة وأنت تابع لأبي يوسف، وأبو يوسف تلميذ أبي حنيفة، وهم قالوا بأن هذا الرفع لا يشرع؟ قال وهذه كلمة حق: إن الله تبارك وتعالى قد كلف كل منا أن يعمل بما علم، وقد علمت أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رفع يديه عند الركوع والرفع منه، والله عز وجل لم يكلفنا أن نفهم شريعة ربنا بعقل أبي حنيفة، وإنما كل إنسان بعقله وبعلمه، ويوم نلقاه سوف لا يقول لي: لماذا خالفت أبى حنيفة؟ على العكس فيما لو تركت هذه السنة سيقول لي: لماذا تركت هذه السنة وقد عرفت أن نبيك - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه.
علق على فعل عصام هذا، هو في عبارة أخرى على اتباعه لهذه السنة، ومخالفته للإمام أبي حنيفة، أو أبي يوسف علق تعليقاً بديعاً ورائعاً جداً، حيث قال: ومن هذا يؤخذ أن من ترك تقليد إمامه في مسألة اتباعاً منه لقوة دليل