للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحفظ من أسماء الأدوية ويعرف من أصنافها ما لا يعرفه الطبيب، ولكنه لا يستطيع أن (يشخص) الأمراض ويشفي المرضى، وأن الصحابة أنفسهم لم يكن فيهم إلا مائة ممن يفتي، وأن مائة الألف من المسلمين الذين توفى عنهم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - كانوا يرجعون إلى هذه المائة، ولا يجتهدون لأنفسهم، وأنه إن لم يطلع الإمام من الأئمة على الحديث من الأحاديث، فإن اتباع مذهبه قد اطلعوا عليه خلال هذه القرون الطويلة، وأنهم كانوا أتقى لله وأحرص على دينهم من أن يخالفوا حديثاً صحيحاً لقول إمام أو غير إمام، وإن المذاهب لم تأخذ الأحاديث وحدها، بل أخذت الحديث وما قال فيه الصحابي، والتابعي، ومن بعده، وسجلت هذه الشروح والأفهام المتعاقبة ثم استخلصت منها الحكم، وأن من يترك اجتهادات الأئمة كمن يرى الطيارة وما بلغت إليه بعد الجهود المتتالية والرقي المتسلسل، فيتركها ويعرض عنها، ويحاول الطيران بأجنحة ليركبها لنفسه كما فعل العباس بن فرناس، وإن دعوى منع التقليد في الدين دعوى باطلة، لأن في كل علم أهل اختصاص فيه، وغرباء عنه فإذا احتاج الغريب إلى معرفة حكم فيه رجع إلى أهله، كالعامي يحتاج إلى مداواة مريضه، أو عمارة بيته، أو إصلاح ساعته، فلا يستطيع إلا الرجوع إلى الطبيب أو المهندس أو الساعاتي، وتقليده فيما يذهب به إليه اجتهاده» أ. هـ.

٥ - لماذا يدعو دعاة السنة للعودة إلى السنة:

وإني قبل الشروع في بيان ما في كلام الأستاذ الطنطاوي من الأخطاء، أرى لزاماً علي أن أبين الأسباب التي تحمل دعاة السنة على الدعوة إليها، وترك كل قول يخالفها فأقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>