وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُواللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠] إنما وجه هذا الخطاب ليس لعامة الناس وإنما لخاصة الناس ألا وهم المؤمنون حقاً.
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ}[الأنفال: ٦٠] بداهة لا أحد أوتي شيئاً من الفهم والفقه في اللغة فضلاً عن الكتاب والسنة لا يتبادر إلى ذهنه أن الخطاب في قوله {وَأَعِدُّوا} إنما هو موجه للكفار، لا أحد يفهم هذا، لكن أنا أدري هذا وأقول ما هو كالشمس في واضحة النهار بداهة تمهيداً للفهم الآخر أيضاً الذي لا يمكن أن يتبادر إلى ذهن أحد وإن كان أخفى قليلاً من الأول.
فأقول: قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا} كما أنه ليس خطاباً للكفار فليس خطاباً إلى المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر بالله ورسوله، هذا الأمر الثاني.
والثالث: وهو أخفى من الأمرين السابقين: ليس المقصود بهذا الأمر هم فساق المسلمين، {وَأَعِدُّوا} ليس المقصود بهذا الأمر هم فساق المسلمين وعصاتهم، وإنما المقصود بهذا الأمر هم المؤمنون حقاً.
ولست أشك أن مثل هؤلاء المؤمنين لهم وجود في كل زمان وفي كل مكان ولو بنسب متفاوتة كثرة وقلة، ذلك مما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام:«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة».
فإذاً أول ما يتبادر الذهن أن المقصود بهذا الأمر الموجه في الآية السابقة {وَأَعِدُّوا} هم المؤمنون ولا أقول: فانتبهوا هم هؤلاء المؤمنون، يعني: سأقول أخيراً، إنما المقصود هؤلاء المؤمنون إذا كانوا متكتلين ولم يكونوا متفرقين، على الأقل لم يكونوا متفرقين في أبدانهم وفي بلدانهم، أي: إنه لا يكفي أن يكونوا مجتمعين في أفكارهم وفي عقائدهم وأفهامهم على الكتاب والسنة كما هي