عالمًا متمكنًا بالإفتاء فيما قد ينزل على الناس من مسائل أو مشاكل حديثة.
المفروض أن يكون المجتمع الإسلامي كما كان المجتمع الأول في عهد الرسول عليه السلام والتابعين وأتباعهم، ولكن هذا يحتاج إلى جهود كثيرة وكثيرة جدًا، ولريثما يعود المجتمع الإسلامي سيرته الأولى الذي كان فيه عامة المسلمين لا يتبعون مذهبًا معينًا كما هو شأنهم في هذا الزمان، وإنما كانوا يسألون العالم الفقيه، أي: العامل حقاً بالكتاب وبالسنة فيفتيه فيصبح فتوى هذا العالم مذهبًا لهذا المستفتي، هكذا كان الأمر في العهد الأول.
وكذلك ينبغي أن يعود الأمر في كل زمان وفي كل مكان، ولكن هذا يحتاج إلى جهود جبارة وجبارة جدًا، لذلك فطالب العلم اليوم مضطر أن يدرس الفقه المذهبي، ولكن لا يجوز له أن يجعله دينًا أن يتعبد الله به ولو علم فيما بعد من زمن قريب أو بعيد أن بعض المسائل التي جاءت فيه خلاف الكتاب والسنة، ففي هذه الحالة لا يجوز له أن يظل مقلدًا لمذهبه ما دام أنه تبين له أن الصواب ولو في بعض المسائل في مذهب غير مذهبه، هذا هو الطريق للابتداء في طريق العلم، أما هذا القفز الذي نراه من بعض الشباب المتحمسين حيث يدعون الاجتهاد وهم بعد ما وصلوا إلى مرتبة الاتباع التي هي مرتبة محاولة ترجيح قول على قول، ولذلك فخير الأمور الوسط، وحب الثناء غلط، فلا يجوز للمسلم أن يقنع بالتقليد ولو صار من كبار الشيوخ كما أنه لا يجوز للمبتدئ في طلب العلم أن يقفز قفزًا إلى مرتبة الاتباع وهو لا يستطيع الترجيح فضلًا عن أن يتمكن أن يجتهد ويعطي آراء في مسائل لم يسبق إليها.