هذه حكمة متناهية جداً، تجدون كثيراً من هؤلاء الذين يصيحون والدستور إسلامنا، لا يقيمون إسلامهم في عقر دارهم في بيوتهم حيث لا يتدخل القانون في منعهم من إقامة حكم الإسلام.
من جهة لا يفعلون ما يستطيعون، ومن جهة يطلبون ما لا يستطيعون، فهذا كله يدل على أحد شيئين: إما على جهل بالإسلام، وحماقة، وإما أنهم يعرفون وينحرفون.
أظن هذا المقدار يكفي لبيان أن مثل هذا الخروج لا يجوز قبل إعداد العدة، إعداد العدة المعنوية قبل كل شيء، كما فعل رسول الله وصدق الله إذ يقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}[الأحزاب: ٢١].
وقبل أن أنهي الجواب عن ذاك السؤال لابد أن أجيب عن سؤال ضبطه أحدهم بالبحث السابق الذي سمعتم الآن تمامه لاحقاً حيث نقل عن أحد الحاضرين في تمام أو في الجلسة السابقة أنه قال: وماذا نفعل بقوله عليه السلام: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
الجواب: هذا الاستدلال أو هذه الشبهة، إن لم نقل الاستدلال، يدلنا على أنه هؤلاء الذين يلقون بأنفسهم في التهلكة ما عرفوا الإسلام ظاهراً، يعني: ما فهموا الإسلام فهماً صحيحاً مصفى، سبحان الله، وبضدها تتبين الأشياء.