التاريخ الإسلامي الذي حدثنا بهذا الخروج وذاك ينبي بأنه كان شراً، وسفكت دماء المسلمين وذهبت هدراً بدون فائدة، وبخاصة فيما يتعلق بخروج السيدة عائشة، السيدة عائشة لقد ندمت على خروجها، وكانت تبكي بكاءً مراً حتى يبتل خمارها وتتمنى أنها لم تكن قد خرجت ذاك الخروج، وهناك نكته قرأتها في بعض الكتب ولا يهمني أيضاً الآن صحة السند أنه بلغها أن خلافاً نشب بين عبيد لها وعبيد لشخص آخر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فتهيأت للخروج فسألها قريب لها: إلى أين يا أم المؤمنين؟ قالت: للنظر في الخلاف الذي نشب بين هؤلاء وهؤلاء، بخصوص بغلة ادعاها كل من الفريقين، قال لها: يا أم المؤمنين! ألا يكفينا وقعة الناقة حتى تثيري لنا وقعة البغلة ... يعني.
الاحتجاج بمثل هذا الخروج أولاً هذا حجة عليهم؛ لأنه لم يكن منه فائدة.
ثانياً: لماذا نتمسك بخروج سعيد بن جبير ولا نتمسك بعدم خروج كبار الصحابة الذين كانوا في عهده كابن عمر وغيره، ثم تتابع علماء السلف كلهم بعدم الخروج على الحاكم.
إذاً: هناك خروجان، خروج فكري وهذا هو أخطر، وخروج عملي وهذا ثمرة الأول، فلا يجوز مثل هذا الخروج، والأدلة التي ذكرتها آنفاً فهي عليهم وليست لهم.