اليوم مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية والعملية، ولو أنهم كانوا يرون أن الخلاف شر كما قال ابن مسعود وغيره رضي الله عنهم ودلت على ذمه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكثيرة، لسعوا إلى الاتفاق، ولأمكنهم ذلك في أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه، ولكن لماذا هذا السعي وهم يرون أن الاختلاف رحمة، وأن المذاهب على اختلافها كشرائع متعددة! وإن شئت أن ترى أثر هذا الاختلاف والإصرار عليه، فانظر إلى كثير من المساجد، تجد فيها أربعة محاريب يصلى فيها أربعة من الأئمة!
ولكل منهم جماعة ينتظرون الصلاة مع إمامهم كأنهم أصحاب أديان مختلفة! وكيف لا وعالمهم يقول: إن مذاهبهم كشرائع متعددة! يفعلون ذلك وهم يعلمون قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -:
«إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» رواه مسلم وغيره، ولكنهم يستجيزون مخالفة هذا الحديث وغيره محافظة منهم على المذهب كأن المذهب معظم عندهم ومحفوظ أكثر من أحاديثه عليه الصلاة والسلام! وجملة القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن، لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى:{ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}، أما الرضا به وتسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه، ولا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.