فإذاً: الخلاف من طبيعة البشر، فلو اجتمعوا في صعيد واحد، وأرادوا أن يبينوا للناس ما يجوز أن يكون من القسم الأول، وما يجوز من القسم الآخر، لما تمكنوا من الاتفاق على ذلك، بل سيظلون مختلفين، لذلك اعتقادي الجازم أنه لا يجوز التفريق بين شرع وشرع، فيقال هذا أصل لا يجوز التهاون به، وهذا فرع يجوز التهاون به.
نعم إذا كان المقصود بالفرع والأصل هو ما يقابل الفرض ويقابل السنة هذا بلا شك ممكن، لكن ليس هذا هو المقصود، المقصود هو ما يتعلق بالعقيدة وما يتعلق بالعبادة، وما كان متعلق بالعقيدة وهو الأصل وهو الذي يجب الاعتماد والتمسك به وعدم الإخلال بشيء منه، وما يتعلق بالعبادات فالخطب سهل وبخاصة أنهم جاؤوا بمعول من قلد عالماً لقي الله سالماً، وهذا لشهرة هذه الجملة يتوهم كثير من الناس أنها حديث عن الرسول عليه السلام، ولا أصل له حتى في الأحاديث الموضوعة، لا أصل لهذه الجملة: من قلد عالماً لقي الله سالماً، حتى في الأحاديث الموضوعة، ونستطيع أن نقول هذا حديث موضوع طازج، يعني حديث في العصر الحاضر، وهذا من مشاكل هذا العصر أنه تروج هناك عبارات لم نجدها حتى في الأحاديث الموضوعة، فمن أين جاءت؟
من ذاك المنبع الذي جاءت الأحاديث الموضوعة القديمة التي وضعت لها كتب الموضوعات، والشاهد يستدل أولئك الذين أشرنا إليهم على معنى هذه الجملة: من قلد عالماً لقي الله سالماً، بحديث صحيح واستدلالهم هذا يشبه تماماً من حيث الانحراف عن معناه الصحيح كاستدلال المبتدعة بقولهم أن