للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو قال أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما سمع اختلافهم قال ابن عمر فلم يعنف طائفة منهم لم يعنف طائفة منهم، ليس أقرهم جميعاً وإنما لم يعنف وهذا هو مقتضى الشريعة بقواعدها العامة كما تعلمون جميعاً إن شاء الله من قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد»، إذا الذي يكون مأجورا لايعنف ومن هنا ينبغي أن نأخذ أدباً هذه جملة معترضة قد تطول كثيراً، فمعذرة من هذا الحديث ينبغي أن نأخذ أننا إذا رأينا إماماً من أئمة المسلمين قد خالف سنة من السنن الصحيحة، لا ينبغي أن نحط عليه وأن نطعن فيه، وإنما أن نلتمس له عذراً؛ ذلك أنه كان مجتهداً فإن أصاب فله أجران وان أخطأ فله أجر واحد، ومن الأعذار التي شرحها شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في كتابه «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» شرح من هذه الأسباب أن السنة لم تكن قد تجمعت يومئذ، فقد كانت السنة متفرقة في البلاد الإسلامية التي تفرق إليها الأولون من أصحاب الرسول عليه السلام، فبذلك تفرقت السنة ولم يتمكن المسلمون علماؤهم في ما بعد أن يجمعوا هذه السنة، إلا في القرن الثاني أخيراً والقرن الثالث وهكذا .. ولذلك كان من ميزة من تأخر من علماء المسلمين يتميز؛ لأنه جمع من السنة أكثر من الإمام الذي قبله، ولذلك نجد الواقع يشهد أن أكثرهم جمعاً هو آخرهم عصراً فأكثر الأئمة الأربعة سنةً وجمعاً للحديث إلامام احمد ثم شيخه الشافعي، ثم شيخه الإمام مالك، أخيراً يأتي الإمام الأول من حيث العصر وهو أبو حنيفة، وهو أقلهم حديثاً؛ بسبب أنه لم يخرج من الكوفة التي نشأ فيها وترعرع فيها إلا نادراً جداً بمناسبة حج أو عمرة، فلم يطف البلاد يجمع السنة كما فعل الشافعي في

<<  <  ج: ص:  >  >>