للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاجتهاد ضروري؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد». ولكن كما تفهمون من هذا الحديث الاجتهاد مُعَرَّض للصواب والخطأ، فقد يسأل أحد الأئمة الآخرين نفس السؤال فيجيب بجواب من ما عنده من مادة الحديث التي لم يحصل عليه الإمام الذي أفتى باجتهاد من عنده، فإذا عرفتهم هذه الحقيقة التاريخية المتعلقة بطريقة جمع الحديث زال الاضطراب من أذهانكم عن سبب اختلاف الأئمة.

والاختلاف ذكرنا آنفاً قوله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: ١١٨ - ١١٩].

وهم بلا شك مرحومون، فلماذا اختلفوا؟ معذورون لأنهم لم يتمكنوا يومئذ من جمع السنة.

أما اليوم فلسنا معذورين، والسبب أننا اليوم نستطيع أن نجمع جهود الأئمة الذين مضوا وقضوا حياتهم في كل العصور، نجمعها بأن نشتري ثروتهم التي لا تقدر بثمن بدراهم معدودة، وهوكتاب مسند أحمد ست مجلدات حياته العلمية ضمنها فيه، أنت ممكن أن تخصص من حياتك سنة فقط بالكثير، فتحصل على علم الإمام أحمد ما حصله بسنين وبالجهد الكبير الكثير وهوالتطواف في البلاد والسفر إليها، ولكن علة الناس اليوم هوالزهد في علم الحديث، والإعراض عن دراسة الحديث والقناعة بأن أي حديث وجدناه في أي كتاب مثلما قال ذلك البدوي: (خوش حديث)، لكن أنت تعرف أن أحاديث الرسول عليه السلام فيها الصحيح وفيها الضعيف، والرسول عليه السلام كان الله عز وجل قد نبأه سلفاً بأن الناس سيكذبون عليه ويكذبون عليه حتى في عهده عليه السلام في قيد حياته وجد من كذب عليه، فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من

<<  <  ج: ص:  >  >>