فيبدأ الشقاق ويبدأ النزاع، ويحصل من وراء ذلك هذه الأمور التي نهى عنها الرسول عليه السلام في هذا الحديث الصحيح:«لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» هذا الهجر يجب قطعه وإنهاؤه، هذا الحديث هو في الواقع من رحمة الله عز وجل على عباده؛ لأنه لم يمنع الهجر مطلقاً، فقد أفسح المجال لبعض النفوس المريضة أن تشفي غيظها وحقدها وحسدها في ظرف ثلاثة أيام، يكفي للإنسان أن يروي غيظ نفسه بهذه الثلاثة الأيام، سمح له بذلك، ولكن إذا جاوزها فقد ارتكب الحرام، وكما سيأتي في بعض الأحاديث الصحيحة أنه بذلك أي: إذا جاوز الأيام الثلاثة التي سمح له الشارع فيها بالمقاطعة فهو يستحق دخول النار، جاء في الحديث الآخر بعد قوله عليه السلام:«لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» أي: إذا كان من الصعب على هذا المسلم الذي هجر أخاه ثلاثة أيام ترخصاً، ولكنه لم ينسَ هذا الوعيد الشديد من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه لا يحل له الاستمرار بعد ثلاثة أيام فأقل ما يبدو من الهجر والوعيد المترتب ... أن تتحقق المودة بين متهاجرين بعد الثلاثة الأيام التي كان فيها متهاجرون فوراً مباشرة يكفي للخلاص من هذا الوعيد بأن يبدأ أخاه بالسلام، فبعد ذلك السلام يجر الكلام، والكلام يجر المودة ....
ونحو ذلك، وكما قيل: أول الغيث قطرة ثم ينهمر، فلا أقل من أن يبادر المسلم أخاه الذي كان هجره في ثالث الأيام بالسلام في ذلك الخلاص من وعيد المهاجرة ... لثلاثة أيام.
اسمعوا معي هذا النص النبوي من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وما فيه من الوعيد لمن يهجر