للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأوهام بأخيه المسلم، فجاء هذا الحديث الأخير ليحذرنا وينهانا عن أن نظن بالمسلم ظن السوء، فيقول عليه الصلاة والسلام: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله تبارك وتعالى».

في أول الحديث ينهانا عن الظن بالأخ المسلم ويعلل ذلك بأنه أكذب الحديث أن تقول: فلان كذا وفلان كذا، وليس عندك على ذلك برهان من الله عز وجل أولاً، ثم لو كان عندك على ذلك برهان يجيز لك أن تظن بأخيك ظن السوء فلا يجوز لك أن تستغيبه، بل عليك أن تبادر كما قلنا في أول هذه الكلمة هذه إلى نصحه وإرشاده وتوجيهه الوجهة التي تراها أنت مطابقة للشريعة، وكثيراً ما يدفع سوء الظن هذا المسلم المسيء ظنه بأخيه المسلم إلى ارتكاب هذه المخالفات التي عطفها الرسول عليه السلام على المنهي من الظن بالمسلم بقوله: «ولا تجسسوا» «لا تحسسوا ولا تجسسوا» التجسس هو تتبع أخطاء المسلم لغمزه ولمزه والطعن فيه، والتحسس بعض العلماء يقولون: إنهما بمعنى واحد، لكن الحقيقة أن التحسس له معنى غير معنى التجسس، لأنه لا يصح في بعض الأحيان أن نقيم لفظة التجسس مقام التحسس، ففي القرآن الكريم قول يعقوب عليه السلام لبنيه: {اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ} [يوسف: ٨٧] فالتحسس هو تتبع أخبار الشخص، والاستماع إلى ذلك، فهنا التحسس كأنه في الحديث أخص من التجسس، التحسس يكون في الخير ويكون في الشر، أما التجسس فهو في الشر وحده، فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث ينهى عن الأمرين، ينهى عن تتبع أخبار الإنسان وعن التجسس عليه؛ لأن الأمور بمقاصدها، فإذا كان المقصود

<<  <  ج: ص:  >  >>