أن يكون رفيقاً في دعوتهم لطيفاً في معاملتهم، وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينكر على السيدة عائشة رضي الله عنها حينما قست في رد السلام على ذلك اليهودي الذي دخل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فألوى لسانه بالسلام، فقال: السام عليكم.
فسلامه غير واضح أنه سلام المسلمين، ولا هو واضح أنه دعاء على سيد المرسلين بالموت، الذي هو السام، وهو لم ينطق بها فصيحةً صريحةً، وبالطبع لا يتجرأ أن يخاطب الرسول عليه السلام، والدولة له يومئذٍ بقوله:«السام عليك»، أي: الموت، ولكنه أيضاً لما في قلبه من ذُلٍّ وحقد وكُفر بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا ينطلق ليلقي عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - السلام الذي هو اسم من أسماء الله عز وجل، كما جاء في الحديث الصحيح، وإنما غمغمها وضَيَّعَهَا فقال:«السام عليكم»، ومن الأمر البدهي ألا يخفى ذلك على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فردَّ عليه السلام بإيجاز وغاية الإيجاز بقوله:«وعليكم». أما السيدة عائشة وهي من وراء الحجاب فما كادت تسمع هذا الإلواء من ذاك اليهودي بالسلام حتى قالت:«وعليكم السام واللعنة والغضب إخوة القردة والخنازير» فلما خرج اليهودي قال الرسول عليه السلام: ما هذا يا عائشة؟ قالت: يا رسول الله ألم تسمع ما قال؟ قال لها: ألم تسمعي ما قلته يا عائشة -وهنا الشاهد- «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه».
وإذا كان هكذا يقول الرسول عليه السلام لمن خاطب اليهود بتلك اللهجة القاسية وهي السيدة عائشة وحُقَّ لها ذلك؛ لأنها فهمت من اليهودي أنه يدعوا على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالموت، فماذا ينبغي أن يكون موقفنا مع إخواننا الذين يشتركون