للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يتحدث عنه ابن مسعود في حديثه الطويل في «صحيح مسلم»: «أنه ما كان يتخلف عن صلاة الجماعة إلا منافق»، وكذلك هناك حديث آخر: «أن الذي يكون في المسجد ثم يسمع الأذان ثم يخرج فهو منافق»، استعمل معاذ هذا الاستعمال العام في حق ذلك الإنسان وكان مخطئا؛ لأن هذا الرجل لم يخرج اتباعاً للهوى، وإنما لعذر بينه للرسول عليه السلام حينما شكى معاذاً إليه فأرسل الرسول عليه السلام وراء معاذ، كما هو معلوم فقال له الرسول عليه السلام: «أفَتَّانٌ أنت يا معاذ؟ أفتَّان أنت يا معاذ؟ أفتان أنت يا معاذ؟ بحسبك أن تقرأ بالشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، ونحوها من السور، إذا أمَّ أحدكم فليخفف» إلى آخر الحديث، فالشاهد أن القسوة والشدة تضر في الدعوة، ونحن للأسف نلاحظ في كثير من إخواننا وكلما كان هذا الحديث حديث عهده بالدعوة كلما كان شديداً فيها؛ لأنه يتصور أن الشدة تنفع في الدعوة، والواقع أنه تضر وحسبكم بهذا الصدد قوله عز وجل {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: ١٥٩].

وأرى أيضا أن أُذَكِّر بأننا اليوم ابتلينا بنقيض ما كنا ابتلينا في القرون الماضية السابقة كنا ابتلينا في القرون السابقة بجمود العلماء، فضلاً عن طلاب العلم، فضلاً عن العامة، ابتلينا بالجمود عن التقليد المذهبي، ومضى هذا الجمود على المسلمين قرون طويلة، الآن في فيئة، في صيحة مباركة للرجوع إلى الكتاب والسنة، ولا شك قد آتت أكلَهَا وثمارَهَا اليانعة، ولكننا نشكوا الآن نقيض ذلك الأمر الذي كنا نشكوا عليه من قبل، كنا نشكوا الجمود فأصبحنا الآن نشكوا من الانطلاق، فأصبح كل من سمع كلمة الكتاب والسنة وهو لا يفقه من الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>