للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعود المعتزلة والخوارج يلتقون في بعض الضلالات ويختلفون في بعض، مثلاً الخوارج يلتقون مع المعتزلة بالقول بأن القرآن مخلوق، وقد ذكرت لك آنفاً أن المحدثين لا يكفرون الخوارج، إذاً: كيف نجمع في ذهننا أن من أنكر عقيدة فهو كافر، أما من ابتدع بدعة في العبادة فهو فاسق، وها نحن نرى أئمة الحديث يروون عن الخوارج وعن المعتزلة مع أنهم يخالفون العقيدة الصحيحة في غيرما مسألة، فهم مثلاً هؤلاء الذين قالوا بأن كلام الله مخلوق ينكرون أيضاً رؤية الله في الآخرة، هذا الإنكار والذي قبله ينصب عليهما تعريفنا السابق، هو كفر لكن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، كيف نوفق حينما نجد أئمة الحديث وأئمة السلف كابن تيمية وابن القيم يحكمون بضلال الخوارج والمعتزلة ولا شك، لكن لا يقولون بأنهم كفار مرتدون عن دينهم؛ لأنهم يضعون احتمال أن الأمر شبه لهم أولاً، وأن الحجة لم تقم عليهم ثانياً، نرجع لأصل موضوعنا الأول أن هؤلاء مبتدعة، لكن ما ندري هل هم قصدوا البدعة، هل أقيمت الحجة عليهم .. إلى آخره، هذا هو منهج العلماء يحكمون بضلال المعتزلة وبضلال الخوارج وبضلال الأشاعرة في غيرما مسألة، لكنهم لا يكفرونهم، لا يخرجونهم من دائرة الإسلام، للاحتمال الذي ذكرناه آنفاً، وهو يعود إلى أمرين أذكر بهما: الأول أنهم ما قصدوا الابتداع والمخالفة وهكذا ..

ثانياً: أننا لا ندري أقيمت الحجة عليهم أو لا، فإذاً: حسابهم إلى الله ولنا ظاهرهم، فظاهرم الإسلام وماتوا على الإسلام ودفنوا في مقابر المسلمين، فإذاً هم مسلمون.

فالتفريق إذاً بين البدعة المكفرة والبدعة المفسقة هذا أولاً تفريق اصطلاحي

<<  <  ج: ص:  >  >>