دائماً وأبداً على القول: بأن التمسك بالكتاب والسنة، لا يكون تمسكاً صحيحاً إلا إذا كان مقروناً باتباع ما كان عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهنا لابد لي من ضرب مثل بين لنا أهمية الرجوع في فهم الكتاب والسنة إلى ما كان عليه السلف الصالح؛ مما نقلوه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قولاً وفعلاً وتقريراً، نأخذ مثلاً قوله تبارك وتعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨]، فهنا نصان عامان شاملان، الأول: اسم السارق، والآخر: اليد، فقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ}[المائدة: ٣٨] يشمل كل سارق حتى الذي يسرق البيضة بيضة الدجاجة أو الدجاجة أو نحو ذلك مما لا قيمة له، فهذا لغة اسمه سارق، ولكن بيان - صلى الله عليه وآله وسلم - القولي هو الذي يمنعنا من أن نفسر هذا اللفظ في هذه الآية على إطلاقه وشموله، فيمنعنا أن نقول: كل سارق، مهما كانت قيمة المسروق تقطع يده، نقول: لا، هذا لا يجوز، هذا مخالف للقرآن؛ لأن الله يقول:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، وقد بين - صلى الله عليه وآله وسلم - السارق المذكور في هذه الآية بقوله:«لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً».
إذاً: حينما نقرأ هذه الآية: {وَالسَّارِقُ}[المائدة: ٣٨]، ينبغي أن نفهم هذا اللفظة على ضوء قوله عليه السلام، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] هنا الأيدي كما تعلمون جمع يد، واليد تطلق ويراد بها الكف، كما جاء في حديث التيمم:«أن تضرب بكفيك وجه الأرض»، وتطلق ويراد بها الذراع كما هوفي حديث آية الوضوء في آية الوضوء، وتطلق ويراد بها اليد كلها من عند الكتف إلى الأصابع، فيا ترى من أخذ بعموم الآية:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] وطبق النص القرآني على هذا الإطلاق هل يكون متبعاً للقرآن الكريم؟ الجواب: وضح مما سبق التعليق السارق لا؛ لأنه خالف بيان - صلى الله عليه وآله وسلم -، لكن البيان هنا إنما كان منه - صلى الله عليه وآله وسلم - بياناً فعلياً عملياً، حيث كانت تقطع يد