أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما أرسل علياً إلى اليمن قاضياً بين الناس قال: يا رسول الله ترسلني إلى ناس وأنا لا أعلم كيف أقضي، فضرب -عليه السلام- على صدره وقال له:«لا تحكم بين اثنين حتى تسمع منهما كليهما»، تحقيق هذا النص في مثل هذه الخلافات التي ألمحتَ إليها وشرحتُ جانباً منه، تحقيق العدل، بل تحقيق الحق قبل العدل، هذا لا يتمكن منه إلا خاصة الخاصة من أهل العلم؛ لأن هؤلاء هم الذي بإمكانهم أولاً أن يقفوا على قول هؤلاء وعلى قول أولئك ثم يقابل قول هؤلاء بهؤلاء، ويستخلص من ذلك الصواب من القولين، وقد لا يكون أحياناً هناك اختلاف بين المذهبين وبين القولين إلا كما يقول العلماء في بعض الخلافات إنه: خلاف لفظي، هذا لا يستطيعه إلا أفراد قليلين من الخاصة، ثم من هؤلاء الخاصة من لا يستطيع أن يحكم بالعدل، هو عرف الحق من الفريقين هل بينهما اختلاف أو ليس بينهما اختلاف، فإذا كان بينهما اختلاف فقد يكون الحق مع الجانب الذي عاطفته ليست معه، فيحيد عن العدل، ولذلك قال تعالى:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: ٨]، لذلك نحن ننصح طلبة العلم فضلاً عمن دونهم أن لا يخوضوا هذه المخاضة، وأن لا يقفوا إلا مع الحق الذي يعرفونه قبل أن تقع هذه المشكلة أو أن تظهر هذه الخلافات.